السبت، 24 مارس 2012

القادم أسوأ _ وجهة نظر



القادم أسوأ _ وجهة نظر

ليس من باب التشاؤم او التهويل او التخويف لكنه الواقع الذي يطل علينا برأسه و ينبهنا لنفسه كل ساعة ، انه واقع مرير بالتأكيد ، لكنه ليس عصيا لدرجة اننا لا نستطيع تغييره او على الاقل لا نستطيع التعامل معه و التأقلم مع ظروفه لكسب أكبر قدر و تقليل الخسائر الى اقل حد .ـ
الناظر الى وضع العالم العربي يرى بكل وضوح بروز طرفين متصارعين : الانظمة و دعاة التغيير و الاصلاح . و يجد ان لكل منهم اهداف و تطلعات و ادوات و منهج ، و يجد ان كل منهم يتمترس خلف قناعاته و لا يريد ان يتزحزح عنها . فالأنظمة لا تريد ابدا ان تقدم على خطوة تسليم السلطة للآخر أو حتى القيام باصلاحات حقيقية و مقنعة و دعاة التغيير لا يتراجعون عن مطلبهم و هو استرجاع الشعوب لحقها في السلطة . و بين هذه التجاذبات تنظر الشعوب و تراقب ما ستؤول اليه الاوضاع بالأمل احيانا و بالخوف و الشك احيانا اخرى . هو مشهد عادي لو اخذناه من منطلق تاريخي ، لكنه ليس عاديا ابدا اذا نظرنا الى النتائج المتوقعة من هذا الصراع الغير متوقع و الذي هب على العالم العربي بأحداث سريعة و متتابعة لم تكن في الحسبان و ربما انها قد غابت عن الاحلام ايضا .ـ
لماذا القادم أسوأ ؟
ان المراقب لأحوال الدول العربية يعرف و يدرك مدى ضعف الانظمة و مدى اختراقها من الدول و القوى الكبرى في العالم ، لهذا يجب ان لا تتصور ان الانظمة تتصرف من وحيها و ربما ان هناك الكثير من المسؤولين الكبار و الصغار يريدون فعلا الاصلاح و التقدم بالبلاد لكنهم لا يجدون الطريق امامهم معبدة كي يسيروا عليها ، كما أن عدم تجاوب الانظمة مع الشعوب بشكل حاسم و باصلاحات حقيقية و فاعلة يثير الشك و يجعل المرء يفكر ان هذا الامر يجري بشكل متعمد و مخطط له ، لا بل تجد احيانا ان الحكومات العربية أو الانظمة العربية توقع نفسها بالاخطاء و لا تحاسب فاسديها و تحاول ان تحدث ما يثير الغضب من الشعب بشكل عجيب و مستغرب .ـ
في المقابل تجد ان دعاة التغيير و بالرغم من شرعية مطالبهم الا انهم يستعجلون الامور و يتعجلون المواجهة مع الانظمة دون ان يكون هناك تفويض واضح من الشعوب لهم بالمواجهة ، و تجد ان العاطفة تأخذ البعض منهم بالاندفاع دون ان تنضج الاحداث و دون اتباع سنن تاريخية لمنهج التغيير للافضل . كما ان دخول الكثير على حركات الاصلاح و التغيير في العالم العربي و باختلاف آرائهم و معتقداتهم و حتى اهدافهم يصعّب من المهمة و يجعل طريق الاصلاح في خطر . و الحركات الشعبية و حتى الثورات العربية تتصف بانها بدون رأس او بدون قادة يجمع عليهم الشعب و هذا ما يجعل الفترة التي تلي مرحلة انتصار الاصلاح فترة محفوفة بالمخاطر و غير مضمونة .ـ
ان من الجهل و السخافة بنا كعرب ان نتصور ان الغرب و القوى الاخرى في العالم و على رأسها الصهيونية تريد لنا العيش بالحرية و الديمقراطية ، فهذه القوى ليس من مصلحتها ان نكون في حالة من الحرية و القوة ، لان هذا يعني اننا سنبدأ في طريق التحرر و بالتالي سنكون ندا لهم و نحرمهم من الثروات و سيكون زوال اسرائيل مسألة وقت .ـ
اذاً امام هذا الوضع يحق لي ان أقول ان القادم أسوأ .ـ
فالانظمة العربية مسيطر عليها و لا تملك أمر نفسها فهي لا تريد الاصلاح و لا تريد تقديم التنازلات و هي تحمي الفاسدين و تتجه بالاوطان العربية الى الفقر و الجوع و تفريغ مقدراتها و ثرواتها . و الحركات الشعبية العربية مقسمة و بدون رأس و متسرعة و لا تملك شعبية عالية بحيث تحدث التغيير المنشود . و القوى الخارجية تتربص بالشعوب العربية و لا تريد لها الا مزيدا من التبعية و الاذلال .ـ
و ربما تكون واحدة من الحلول التالية منطقية بالرغم انني لا اعتقد انها ستحدث :ـ
• ان تقوم الانظمة بالانتباه للخطر و تبادر باصلاح نفسها و التصالح مع شعوبها .ـ
• ان تتوحد الحركات الشعبية و تضحي من اجل اوطانها و تكون أكثر عقلانية .ـ
• ان تستعيد القوى العالمية ضميرها و تسمح لنا بامتلاك بلادنا و نيل حريتنا .ـ

لكن هل انقطع الامل و لم يبق ماء في الصحراء و سنموت عطشا لا محالة ؟؟
بالتأكيد لا . و الحل قد يكون عند قارىء هذه الكلمات ، او قد يكون عند الشعوب العربية نفسها ، او قد يكون عند المفكرين و العلماء و اصحاب العقل الراجح ، لايجاد الحلول و تفادي الخطر القادم ، فالمصلحون موجودون و ان كانوا قلة .ـ
اعلل النفس بالآمآل ارغبها .... ما اضيق العيش لولا فسحة الامل .ـ
و لإيماني بالله تعالى فانني اعتقد ان الله خلق الانسان و جعله قادرا على التأقلم مع الاوضاع على ظهر هذه البسيطة ، و قد كتبت هذه الكلمات لأقول ان علينا ان نستعد لما هو أسوأ حتى لا نتفاجأ ، و حتى نحصن انفسنا و نقوي عزيمتنا و نصبر و نتحمل .ـ
Abdullah Allawama
30/7/2011





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق