الاثنين، 25 يونيو 2012

أزمة الفكر عند الشباب العربي


أزمة الفكر عند الشباب العربي

من الواضح ان الشباب العربي يعاني فعلا من تشويش و خلط في الافكار  يرافق ذلك  شك و  ريبة و عدم وضوح للرؤية ، كما ان هناك تناقض في الفهم  من مسألة الى اخرى و عدم القدرة على توجيه البوصلة و عدم ثبات الموقف ،  و اعتقد ان هذا ناتج عن عدم تلقي تربية سياسية كافية لفهم الواقع و تحديد الاهداف و سهولة اتخاذ القرار ، كما ان هذا ناتج ايضا عن ارث ثقيل من مخلفات الانظمة العربية و التي طبعت في عقول الشعوب مفاهيم خاطئة و جعلت شباب الامة ينقادون لأفكار لا تتناسب مع الواقع نتيجة وضع الامة و بالتالي الشباب في مكان لا يستطيعون رؤية كامل زوايا الواقع و ايضا تم انتاج مؤامرات و شراء ذمم و صناعة ابطال وهميين و صناعة احداث و بطولات خيالية خلطت الامور على ابناء الامة فقلبت استنتاجاتهم فأصبح الخائن بطلا و البطل خائنا  و خلقت ضبابية حول شخصيات تاريخية و عملت على تفتيت جسد الامة ببث الافكار المتناقضة و بناء الجماعات و الاحزاب عليها  و قدمت لها الدعم كي تبقى الامة منقسمة  على بعضها و حتى تبقى سهام الامة تتجه نحو الامة نفسها لا نحو أعداء الامة .ـ
و منذ بداية القرن الماضي و حتى اليوم تشكل آلاف و ربما عشرات الالاف من الجماعات و الاحزاب و التيارات المختلفة و ذابت و خلفت افكارا مختلفة وولدت انقساما بين الناس بحيث اصبح العرب منشغلون في دراسة تاريخ هذه الجماعات يتجادلون فيها  يخونوها  تارة و يبرئوها تارة اخرى . و هكذا اصبح الشباب العربي تائها بين الافكار و بين الزعامات المختلفة . و من ابرز الاتجاهات التي ظهرت الاتجاه الاسلامي و الاتجاه القومي و الاتجاه اليساري ( الاشتراكي ) و الاتجاه الوطني و الاتجاه الليبرالي(الحرية  و الاتجاه  الغربي )   و العلماني ( فصل الدين عن الدولة ) .ـ
لقد عملت هذه الاتجاهات المختلفة على توجيه ولاء الشباب العربي نحو شخصيات معينة و عملت على غسل أدمغة الشباب بحيث يبقى انتماؤهم وولاؤهم نحو هذه  الشخصيات و نحو ايديولوجيات (  عقيدة سياسية أو فكرية  ) محددة . و خالفت هذه الاتجاهات ما كانت تنادي به من تنوير للشباب و من تنمية تفكيرهم فنقلتهم من الجهل السياسي في بيوتهم و جامعاتهم الى جهل من نوع آخر يمسك بعقولهم و يلقنهم تعليمات فأصبحوا كالروبوتات ( انسان آلي ) ينفذون الاوامر دون التفكر فيها و اصبحوا جنودا  لقياداتهم  فلم يختلفوا كثيرا عن جنود الجيوش العربية التابعة للحاكم العربي  لا بل ان جنود الحكام العرب يؤدون دورهم المعروف في كل جيوش العالم بينما شباب  الاتجاهات المختلفة يخدعون الاخرين عندما يقدمون انفسهم كمثقفين و شباب واعي و مسؤوليته النهوض بالامة  فتعتمد عامة الناس عليهم و تقدم رؤاهم و افكارهم على انها مسلمات  بينما نجد ان بعضها قد اضاع الامة و اوقف نهضتها . ـ
و في حين ان جميع هذه الاتجاهات و الافكار مستوردة من خارج جسم الامة باستثناء الاتجاه الاسلامي فإن فيها   او في جزء منها على الاقل خير كثير و من الممكن الاستفادة من الافكار السليمة في جميع الاتجاهات و انتاج اتجاه واحد يقوم على مبدأ التعايش و الاحترام المتبادل و اطلاق الحريات و حفظ الاخلاق . و انتاج مثل هذا الفكر الموحد لكل الاتجاهات ممكن و قابل للتطبيق و هو لا يعني الاندماج بقدر ما يعني المشاركة و التعاون و تقريب وجهات النظر المختلفة .ـ
ان النقطة التي يجب ان نبدأ بها هي ان نعتبر ان جميع الشخصيات و الزعامات التي يعتبرها الشباب العربي قدوة لهم و نبراسا يضيء لهم طريق الحياة يجب ان نعتبرهم اناس عاديين  لهم إصاباتهم و لهم أخطاؤهم و يجب ان نعتبر انفسنا قادرين على ان نكون مثلهم  بل و افضل كوننا بشر مثلنا مثلهم و نمتلك ما كانوا يمتلكون  و اكثر حيث المكتبات و الاجهزة الالكترونية ، و المعلومات متوفرة  لدينا  بشكل افضل مما كانت عندهم .ـ
ان  حسن البنا و  صدام حسين و جمال عبدالناصر و بورقيبة و احمد بن بلا و ماركس و لينين  و ستالين وفولتير و جان جاك روسو و مارتن لوثر كنج و محمد بن عبدالوهاب و الخميني و محمد عبده و ابن باز و الالباني و تقي الدين النبهاني و سيد قطب و عبدالحميد الثاني و ميشيل عفلق و عز الدين القسام و غيرهم  جميعهم فيهم خير يزيد و ينقص حسب اختلاف الرؤى  و الاتجاهات و لكن لا يجوز اعتبارهم انبياء لا يخطئون  او ان نتعصب لهم كما لا يجوز اهمالهم . هؤلاء عاشوا في زمن غير زماننا و المطلوب منا ان نعدل في الحكم عليهم و ان نضع ايدينا على اخطائهم و نشكرهم على ايجابياتهم و ان لا ننشغل بهم كثيرا  بل الواجب علينا ان نصنع فكرا جامعا لكل الاطياف يقوم على مبدأ  احترام الاخر و يحقق سبل التعايش و يخلق جو للحياة الكريمة للانسان العربي بغض النظر عن انتمائه و فكره و دينه .ـ
و نستطيع  ان نحدد المنهج الذي نسير عليه من خلال انتاج منهج يجمع كل الايجابيات من الاتجاهات المختلفة و يضعها في منهج واحد و انا اتكلم هنا عن المنهج الفكري و السياسي و ليس عن المنهج الديني . و بوضع ارجلنا على هذا الطريق و السير به و النية الصادقة  تجعل  المواقف تتبلور  و تنتج  الافكار الجديدة التي نستطيع توجيهها  لتكون انطلاقة للامة تنهض من جديد و تبني حضارتها و تعيد امجادها و هذا يحتاج من الشاب العربي ان يكون صادقا و ان يتبع العقل و المنطق السليم و ان يكون  رجل مواقف و ان يتخلص من القيود و ينطلق في رحاب الحرية نحو مستقبل مشرق .ـ
ـ
عبدالله اللواما
22/6/2012
ـ
ـ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق