الاثنين، 25 يونيو 2012

فروة أبي الحصين



فروة أبي الحصين


كان يا ما كان  , كان هناك نسر و ثعلب و الثعلب يكنى بأبي الحصين  يعيشان مع بعضهما و يتقاسمان الصيد .
وذات يوم، تخابث  ابو الحصين   وقال للنسر: "يا صاحبي، أنت دائماً في أعالي الجو ولا ترى غير الهواء والغيوم، تعال اركب ظهري لأريك الغابة، فنحن الآن في وقت الإزهار والأرض ممتلئة  بالنرجس بالروائح الطيبة".
ركب النسر ظهر  ابو الحصين . وأخذ الأخير يتحرك بخفة ورشاقة بين الأشجار. والنسر يصطدم بالفروع والأشواك حتى فقد الريش الذي يعطي جسده و اصبح بلا ريش . وبقي تحت رحمة صديقه ابو الحصين  الذي كان يتصدق عليه في بعض الأحيان بعظمة أو بقطعة  لحم. وظل على هذه الحال حتى اكتسى بالريش وصار يطير، و  عادت العلاقات بينهما إلى سالف عهدها وكأن شيئاً لم يحدث.ـ
و بقي النسر يضمر الشر و يحاول الثأر من ابي الحصين وذات يوم أقترح على ابي  الحصين أن يريه أعالي الفضاء، فوافق ابو الحصين وركب ظهر النسر. وارتفع النسر في الجو، وسأل صديقه: " كيف ترى الأرض الآن يا أبا الحصين؟".ـ
فقال له ابو الحصين : " ما أحلاها، إني أراها كلها".ـ
وطار النسر وعلا ، وسأل صديقه مرة ثانية: "كيف ترى الأرض الآن؟".ـ
فرد ابو الحصين :"صغيرة جدا "ـ
فقال له النسر:" هيا  انزل !!".ـ
ورمى النسر ابي  الحصين من فوق ظهره وقال له: "هذه  مقابل  ريشي".ـ
و سقط ابو الحصين على  فروة حراث  يجلس للفطور وأمامه طعام .  ( و الفروة هي رداء مصنوع من جلد الخراف  للوقاية من البرد ) . وعندما رأى الحراث ذلك الشيء الساقط من السماء هرب وترك فراشه وطعامه. نزل ابو الحصين على الفروة اللينة . وسلم من الموت، وفوق ذلك، حصل على إفطار شهي، وحصل أيضاً على فروة الحراث فلبسها وذهب إلى وكره. وفي الطريق التقى الأسد.ـ
سأله الأسد: " من أين لك هذه الفروة يا أبا الحصين؟ ".ـ
فأجابه: " ألا تعلم أنني أصنع الفراء؟ ".ـ
صدق الاسد كلام ابو الحصين و قال: " صحيح ! وما رأيك في أن تصنع لي فروة مثلها ؟".ـ
فقال ابو الحصين : " هذا ممكن، أحضر لي خمس نعاج  وانتظرني أسبوعاً فتكون الفروة على كتفيك".ـ
صدق الاسد هذا الكلام  ووافق وأسرع فأحضر له خمس نعاج. وبالطبع لم يفعل أبو الحصين شيئاً، بل أكل النعاج مع أولاده وزوجته.ـ
و بعد مدة  لقي الأسد ابي الحصين  ، وسأله: " أين الفروة يا أبا الحصين؟".ـ
قال ابو الحصين لقد صنعت جزءا منها و احتاج الى خروفين  صغيرين لأكملها .  و صدق الاسد كلام ابي الحصين و احضر الخروفين . و  أكلهما أبو الحصين مع أولاده وزوجته.ـ
و بعد اشهر لقيه الاسد مرة اخرى فسأله عن الفروة ، فقال ابو الحصين انني احتاج  تنكة من سمن و تنكة من الزيت حتى ادهنها  و  اكملها . غضب الاسد من هذا التماطل لكنه وافق و احضر المطلوب .ـ
و بعدها لقيه الاسد و سأله فقال لقد أكملتها لكنها بحاجة الى أزرة ساشتريها و اريد خمسة دنانير كي احصل عليها  ، اشتد غضب الاسد و فكر في افتراس الثعلب و الخلاص منه لكنه تذكر  النعاج و الخراف و الزيت والسمن الذي دفعه و قال في نفسه " سأدفع بدل ان اخسر كل شيء " .ـ
وفي يوم من الأيام لقيه الأسد فقال له: " لقد صبرت حتى نفد صبري.. يا أبا الحصين، أعطني الفروة وإلا أكلتك".ـ
فقال ابو الحصين : " يا ملك الوحوش، الفروة في الدار، تعال معي أعطيك إياها".ـ
وعندما وصل إلى فتحة الجحر الذي يسكن فيه، نادى أحد أولاده قائلاً: " يابا يا شطاوط، أبحش وغاوط وهات فروة  عمك الأسد واصحك تعاود".ـ
فهم الابن وقال لأمه وإخوته: " عمقوا الجحر واختبئوا، فالأسد رابض على الباب ".ـ
ولما طال انتظار الأسد، قال له ابو الحصين: " دعني أذهب لأرى ماذا حدث ".ـ
فقال له الأسد : " لا، أنت تبقى هنا ".ـ
و حاول الاسد ان يمسك بأبي الحصين وعندها حاول ابو الحصين الهرب و كان قد دهن جسمه بالزيت الذي اخذه من الاسد ، فافلت منه لكن الاسد قبض على ذيله  فاندفع ابي الحصين و هرب و انقطع ذيله ، وقال له الأسد: " سأمسك بك أينما ذهبت، سأعرفك من ذنبك المقطوع ".ـ
أراد ابو الحصين أن يحل مشكلة انقطاع ذنبه الذي اصبح علامة عليه قد تجعل الاسد يمسكه في اي لحظة ، فنادى جميع الثعالب و دعاها الى وليمة في احد البساتين القريبة  و عندما وصلت الثعالب الى البستان قال لها ابو الحصين انه لن يقدم لها الطعام الا بعد ربط اذنابها في الاشجار حتى يستطيع توزيع الطعام عليها بشكل منظم  ، صدقت الثعالب  كلام ابو الحصين ووافقت و كان ابو الحصين قد اتفق مع زوجته ان تنادي على صاحب البستان حتى ينفذ حيلته . و عندما دخل صاحب البستان شاهدته الثعالب المربوطة من اذيالها فحاولت ان تهرب و اندفعت بقوة و انقطعت اذنابها . فأصبحت كل الثعالب في المنطقة مقطوعة الذيل تماما مثل ابو الحصين .ـ
و جاء الاسد الى ابي الحصين يطالبه بالفروة فقال له ابو الحصين : لست انا من تطالبه بالفروة  و اسأل الحيوانات في المنطقة و اجعلها تحكم بيننا  فرح الاسد بهذا الطرح و نادى على الحيوانات و قال لها ان هذا الثعلب قد اخذ منه المال و النعاج الخراف و الزيت و السمن و لم يفي بوعده بصناعة الفروة  له .   فقالت له الحيوانات و ما  هو دليلك  على أن هذا هو الثعلب الذي تطلبه . فرد الاسد واثقا بأن الدليل هو ان ذيله مقطوع . عندها ضحك ابو الحصين كثيرا و سخر من الاسد امام الحيوانات ، و نادى على ثعالب المنطقة بصوت عال  فجاءت  كلها فإذا بها بدون ذيل . و قال ابو الحصين اننا معشر الثعالب في هذه المنطقة ليس لنا أذيال و ان هذا الاسد يكذب عليكم . غضبت الحيوانات و خجل الاسد من نفسه و ادرك ان  ابو الحصين ماكر لكنه لم يستطع  ان يثبت للحيوانات  هذا الامر فاعتذر من الحيوانات  و من ابي  الحصين . و ذهب ابو الحصين يعيش بين الحيوانات و الثعالب و هو رافع الرأس مفتخرا بنفسه  و ابتعد الاسد عن المنطقة و اصبح حزينا بعد ان كرهته الحيوانات و اصبحت تصفه بالكذب .ـ
*  قصة من التراث الاردني 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق