الأربعاء، 27 فبراير 2013

لست بلا هوية


لست بلا هوية
نظرت الى الكون فأدركت انه لم يأت صدفة فعلمت  ان وراءه خالقا عظيما ، قرأت في الكتب المقدسة وغير المقدسة فعلمت ان هناك انبياء ومصلحون جاؤوا بكتب سماوية وجاؤوا برسائل عظيمة ، تفحصتها وقرأتها وقرأت عنها ونظرت الى معتنقيها  فعلمت ان الانبياء رسالتهم واحدة و ان كل واحد فيهم ينسخ  رسالة السابقين حتى يصحح اخطاء البشر التي امتدت لتتلاعب و لتحرف الاهداف السامية للرسالات السماوية و لتلوي اعناقها و تبدل كلماتها ، آمنت برسالة موسى و عيسى و محمد ، آمنت بالاسلام دينا ليس لأنني ولدت مسلما بل لأن هذا الدين اقنعني بأنه مكملا  لكل رسالات الانبياء و مصححا لكل اخطاء البشر ، قرأت القرآن الكريم فوجدت انه كتاب عظيم وجدت فيه الحقائق و النصائح والمعلومات الدقيقة عما يجول في خاطر الانسان وجدت فيه اجوبة لكل الاسئلة التي حيرتني فآمنت بالقرآن كتابا هاديا ، قرأت عن المذاهب و الفرق الاسلامية و قارنتها بالقرآن فلم اجد الا مذهب اهل السنة و الجماعة منطبقا عليه ، وجدت القرآن يركز على التوحيد ومحاربة الشرك وتوجيه الانسان الى عبادة الله وحده لا شريك له ، لم اجد فيه شيئا عن الائمة الاثني عشر و لا عن ولاية الفقيه و لا عن الامام الغائب ، لم اجد في القرآن شيئا عن علي بن ابي طالب او عن توريث الخلافة ، قرأت فيه عشرات المرات عن الصحابة و عن فضلهم و نزاهتهم قرأت عن انجازاتهم العظيمة و فتوحاتهم التاريخية فتعجبت من قوم يسبونهم ، قرأت عن اخلاق الانبياء و اخلاق اتباع الانبياء و عن الصالحين فعلمت ان الخير ممتد و ان الصالحين لا ينقطعون موجودون في كل زمان و مكان .
قرأت التاريخ القديم و الحديث فوجدت الامة العربية ذليلة بغير الاسلام و عزيزة به ، وجدت العرب يتناحرون قبل الاسلام و يفتحون الامصار بعده ، يقتلون البنت  قبله و يعطون الحقوق لها بعده ، وجدتهم يظلمون بعضهم قبله و  يسارعون الى العدل و رد المظالم بعده ، فعلمت ان الامة العربية ارتبطت بالاسلام ارتباطا وثيقا و لن تستطيع التقدم الا به و لن تستطيع التحرر الا به و لن تسترد حقوقها الا به .
قرأت عن اوروبا واميركا وعن النهضة الصناعية و عن العصور الوسطى و عن الديمقراطية و الليبرالية و العلمانية و الشيوعية و الاشتراكية و الرأسمالية فوجدت في كل واحدة انحرافا كبيرا ، فحكم الشعب لنفسه امر غير قابل للتطبيق العملي بل انه يكون احيانا سلبيا فهذه اسرائيل ديمقراطية لكنها دولة عنصرية معتدية و اميركا دولة ديمقراطية لكنها تغزو العالم و فيها مشاكل داخلية و عصابات و القوي فيها يأكل الضعيف ، ووجدت الليبرالية لو طبقت بحذافيرها سيتحول المجتمع الى كتلة من الفساد و الانحلال الخلقي ، ووجدت العلمانية ظالمة عندما تقصي الدين عن الحياة و عن السياسة ، ووجدت الشيوعية فيها انكار حقيقة دامغة و مهمة جدا و هي حقيقة وجود الله ، ووجدت الرأسمالية تكرس المال بيد فئة قليلة لتتحكم في مصير البشرية انها قمة الظلم عندما تطبق بشكلها الكامل ، ووجدت الاشتراكية تحرم الفرد من حقه و جهده و تلغي روح التنافس و تحول المجتمع الى كتلة من العبيد المحتاجين للدولة تحركهم كيفما تشاء و تتحكم بهم و بارادتهم و بحريتهم .
قرأت عن القومية و عن الوطنية فوجدت القوميين منحرفين في قوميتهم ووجدت القومية وحدها تلغي الآخرين و تمجد فئة بعينها و الاصل في المجتمعات انها متعددة القوميات . قرأت عن الوطنية فوجدت انها تلغي الانتماء للأمة و تمزق الوحدة و تقسم البلاد .
قرأت عن الاحزاب و الحركات و الجماعات فوجدت كل حزب و جماعة يأتون بفكرة صحيحة و لكنهم ينسون الافكار الاخرى الصحيحة ايضا و يركزون على رأي واحد و على اتجاه واحد وينسون ويتغافلون عن الآراء والاتجاهات الاخرى . يركز السلفيون على الجانب العلمي و النظري في الدين و يبدعون في التفسير و الحديث و الاحكام لكنهم يغفلون عن الجانب التطبيقي و العملي في الحياة و لايستطيعون فهم السياسة بكل ابعادها و متاهاتها ، يبدع الاخوان المسلمون في تربية الشباب دينيا و فكريا و في السياسة والتنظيم و يهتمون بالجانب العملي لكنهم يغفلون بناء الفرد المسلم من ناحية العقيدة و يبقون في المنطقة الرمادية طويلا و اكثر من اللازم ، و يركز حزب التحرير على الخلافة و ينسى ان الخلافة بحاجة الى امة قوية محررة  لحمايتها و الانقياد خلفها ، و يركز الجهاديون على رفع راية الجهاد و ينسون ان الامة بحاجة الى اعداد و تجهيز و امتلاك القوة الممكنة ، يركز الصوفيون على التزكية و يشطحون في خيالهم و احلامهم و رؤاهم و ينسون ان القرآن و السنة هما المصدران الرئيسيان للاسلام ، جماعات و حركات و احزاب تصيب و تخطيء و كل يدلو بدلوه و كل يأخذ من الحقيقة طرفا لكن من الذي يمتلك الحقيقة كاملة ؟.
قرأت عن حياة الانبياء ، و قرأت عن النبي محمد فوجدت في سيرته عبرا كثيرا وجدتها دليلا كاملا للحياة الاجتماعية و السياسية و الدينية و الاقتصادية و الفكرية و العقدية و العسكرية  والمدنية ، قرأت عن توازنه و عن عقله الراجح و عواطفه الجياشة ، قرأت عن رحمته و عن قوته و عن رأيه السديد ، قرأت عن شدته و عن لينه ، عن صلابته و مرونته ، عن كرمه و تقشفه ، تعامله مع عدوه و مع صديقه ، وجدته لا يرفض الصلح و لا يسعى للحرب ، يغزو كل من اعتدى عليه و ان كان من عشيرته و يسامح القريب و البعيد ، لا يرفض السلام ، و يعقد الاتفاقيات و يبرم العهود حتى مع اليهود ، لا ينظر من زاوية القومية او الوطنية بقدر نظرته الانسانية وفقا لما جاء به الاسلام ، لا يتردد بارسال اتباعه الى الحبشة لأن فيها ملكا عادلا ، و لا يخاف من قول الحق داخل مكة رغم وجود صناديد قريش ، لا يهدم الاصنام قبل ان يقنع الناس بأنها حجر لا يضر ولا ينفع ، و لا يعلن الدولة الاسلامية قبل ان يطلبها الناس و يكون لها رجال ، دعوته للبشرية انسانية اسلامية عربية ، لا يخاف في قول الحقيقة لومة لائم ولا يصمت عن حق الضعفاء ، يحترم خصومه مثلما ينتمي لاصحابه ، حربه من اجل السلام و قوته يستخدمها من اجل الحق ،  واقعيته واستخدامه للادوات المتاحة له تؤكد انه جاء معلما للبشرية قبل ان يكون نبيا لهم .
لست بلا هوية ، انا عربي مسلم ، انتمي لأهل السنة والجماعة و كتابي هو القرآن ، و الاسلام هو المنظم لحياتي و أستمد منه اخلاقي،والقرآن هو كتابي و محمد  قدوتي  ، و لا ألغي الاتجاهات الاخرى فأنا انتمي لوطني الكبير  الوطن العربي وهدفي وحلمي أن أراه مستقلا موحدا قويا ، وأنتمي لوطني الصغير الاردن و أفديه بروحي ، و قلبي في الأقصى حيث فلسطين ، استخدم الديمقراطية كأداة عصرية و الليبرالية أداة للحرية ،  أنا وطني قومي إسلامي أممي ،  أتعامل بحضارة و إنسانية وأخوة مع كل من يخالفني  في الدين أو العرق أو الرأي .
ـ
ـ
عبدالله اللواما
23/2/2013
ـ
ـ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق