لست
بلا هوية
نظرت
الى الكون فأدركت انه لم يأت صدفة فعلمت ان وراءه خالقا عظيما ، قرأت في الكتب المقدسة
وغير المقدسة فعلمت ان هناك انبياء ومصلحون جاؤوا بكتب سماوية وجاؤوا برسائل عظيمة
، تفحصتها وقرأتها وقرأت عنها ونظرت الى معتنقيها
فعلمت ان الانبياء رسالتهم واحدة و ان كل واحد فيهم ينسخ رسالة السابقين حتى يصحح اخطاء البشر التي
امتدت لتتلاعب و لتحرف الاهداف السامية للرسالات السماوية و لتلوي اعناقها و تبدل
كلماتها ، آمنت برسالة موسى و عيسى و محمد ، آمنت بالاسلام دينا ليس لأنني ولدت
مسلما بل لأن هذا الدين اقنعني بأنه مكملا لكل رسالات الانبياء و مصححا لكل اخطاء البشر ،
قرأت القرآن الكريم فوجدت انه كتاب عظيم وجدت فيه الحقائق و النصائح والمعلومات
الدقيقة عما يجول في خاطر الانسان وجدت فيه اجوبة لكل الاسئلة التي حيرتني فآمنت
بالقرآن كتابا هاديا ، قرأت عن المذاهب و الفرق الاسلامية و قارنتها بالقرآن فلم
اجد الا مذهب اهل السنة و الجماعة منطبقا عليه ، وجدت القرآن يركز على التوحيد
ومحاربة الشرك وتوجيه الانسان الى عبادة الله وحده لا شريك له ، لم اجد فيه شيئا
عن الائمة الاثني عشر و لا عن ولاية الفقيه و لا عن الامام الغائب ، لم اجد في
القرآن شيئا عن علي بن ابي طالب او عن توريث الخلافة ، قرأت فيه عشرات المرات عن
الصحابة و عن فضلهم و نزاهتهم قرأت عن انجازاتهم العظيمة و فتوحاتهم التاريخية
فتعجبت من قوم يسبونهم ، قرأت عن اخلاق الانبياء و اخلاق اتباع الانبياء و عن
الصالحين فعلمت ان الخير ممتد و ان الصالحين لا ينقطعون موجودون في كل زمان و مكان
.
قرأت
التاريخ القديم و الحديث فوجدت الامة العربية ذليلة بغير الاسلام و عزيزة به ،
وجدت العرب يتناحرون قبل الاسلام و يفتحون الامصار بعده ، يقتلون البنت قبله و يعطون الحقوق لها بعده ، وجدتهم يظلمون
بعضهم قبله و يسارعون الى العدل و رد
المظالم بعده ، فعلمت ان الامة العربية ارتبطت بالاسلام ارتباطا وثيقا و لن تستطيع
التقدم الا به و لن تستطيع التحرر الا به و لن تسترد حقوقها الا به .
قرأت
عن اوروبا واميركا وعن النهضة الصناعية و عن العصور الوسطى و عن الديمقراطية و
الليبرالية و العلمانية و الشيوعية و الاشتراكية و الرأسمالية فوجدت في كل واحدة
انحرافا كبيرا ، فحكم الشعب لنفسه امر غير قابل للتطبيق العملي بل انه يكون احيانا
سلبيا فهذه اسرائيل ديمقراطية لكنها دولة عنصرية معتدية و اميركا دولة ديمقراطية
لكنها تغزو العالم و فيها مشاكل داخلية و عصابات و القوي فيها يأكل الضعيف ، ووجدت
الليبرالية لو طبقت بحذافيرها سيتحول المجتمع الى كتلة من الفساد و الانحلال
الخلقي ، ووجدت العلمانية ظالمة عندما تقصي الدين عن الحياة و عن السياسة ، ووجدت
الشيوعية فيها انكار حقيقة دامغة و مهمة جدا و هي حقيقة وجود الله ، ووجدت
الرأسمالية تكرس المال بيد فئة قليلة لتتحكم في مصير البشرية انها قمة الظلم عندما
تطبق بشكلها الكامل ، ووجدت الاشتراكية تحرم الفرد من حقه و جهده و تلغي روح
التنافس و تحول المجتمع الى كتلة من العبيد المحتاجين للدولة تحركهم كيفما تشاء و
تتحكم بهم و بارادتهم و بحريتهم .
قرأت
عن القومية و عن الوطنية فوجدت القوميين منحرفين في قوميتهم ووجدت القومية وحدها
تلغي الآخرين و تمجد فئة بعينها و الاصل في المجتمعات انها متعددة القوميات . قرأت
عن الوطنية فوجدت انها تلغي الانتماء للأمة و تمزق الوحدة و تقسم البلاد .
قرأت
عن الاحزاب و الحركات و الجماعات فوجدت كل حزب و جماعة يأتون بفكرة صحيحة و لكنهم
ينسون الافكار الاخرى الصحيحة ايضا و يركزون على رأي واحد و على اتجاه واحد وينسون
ويتغافلون عن الآراء والاتجاهات الاخرى . يركز السلفيون على الجانب العلمي و
النظري في الدين و يبدعون في التفسير و الحديث و الاحكام لكنهم يغفلون عن الجانب
التطبيقي و العملي في الحياة و لايستطيعون فهم السياسة بكل ابعادها و متاهاتها ،
يبدع الاخوان المسلمون في تربية الشباب دينيا و فكريا و في السياسة والتنظيم و
يهتمون بالجانب العملي لكنهم يغفلون بناء الفرد المسلم من ناحية العقيدة و يبقون
في المنطقة الرمادية طويلا و اكثر من اللازم ، و يركز حزب التحرير على الخلافة و
ينسى ان الخلافة بحاجة الى امة قوية محررة
لحمايتها و الانقياد خلفها ، و يركز الجهاديون على رفع راية الجهاد و ينسون
ان الامة بحاجة الى اعداد و تجهيز و امتلاك القوة الممكنة ، يركز الصوفيون على
التزكية و يشطحون في خيالهم و احلامهم و رؤاهم و ينسون ان القرآن و السنة هما
المصدران الرئيسيان للاسلام ، جماعات و حركات و احزاب تصيب و تخطيء و كل يدلو
بدلوه و كل يأخذ من الحقيقة طرفا لكن من الذي يمتلك الحقيقة كاملة ؟.
قرأت
عن حياة الانبياء ، و قرأت عن النبي محمد فوجدت في سيرته عبرا كثيرا وجدتها دليلا
كاملا للحياة الاجتماعية و السياسية و الدينية و الاقتصادية و الفكرية و العقدية و
العسكرية والمدنية ، قرأت عن توازنه و عن
عقله الراجح و عواطفه الجياشة ، قرأت عن رحمته و عن قوته و عن رأيه السديد ، قرأت
عن شدته و عن لينه ، عن صلابته و مرونته ، عن كرمه و تقشفه ، تعامله مع عدوه و مع
صديقه ، وجدته لا يرفض الصلح و لا يسعى للحرب ، يغزو كل من اعتدى عليه و ان كان من
عشيرته و يسامح القريب و البعيد ، لا يرفض السلام ، و يعقد الاتفاقيات و يبرم
العهود حتى مع اليهود ، لا ينظر من زاوية القومية او الوطنية بقدر نظرته الانسانية
وفقا لما جاء به الاسلام ، لا يتردد بارسال اتباعه الى الحبشة لأن فيها ملكا عادلا
، و لا يخاف من قول الحق داخل مكة رغم وجود صناديد قريش ، لا يهدم الاصنام قبل ان
يقنع الناس بأنها حجر لا يضر ولا ينفع ، و لا يعلن الدولة الاسلامية قبل ان يطلبها
الناس و يكون لها رجال ، دعوته للبشرية انسانية اسلامية عربية ، لا يخاف في قول
الحقيقة لومة لائم ولا يصمت عن حق الضعفاء ، يحترم خصومه مثلما ينتمي لاصحابه ، حربه
من اجل السلام و قوته يستخدمها من اجل الحق ،
واقعيته واستخدامه للادوات المتاحة له تؤكد انه جاء معلما للبشرية قبل ان
يكون نبيا لهم .
لست بلا هوية ، انا عربي مسلم ، انتمي لأهل
السنة والجماعة و كتابي هو القرآن ، و الاسلام هو المنظم لحياتي و أستمد منه
اخلاقي،والقرآن هو كتابي و محمد قدوتي
، و لا ألغي الاتجاهات الاخرى فأنا انتمي لوطني الكبير الوطن العربي وهدفي وحلمي أن أراه مستقلا موحدا
قويا ، وأنتمي لوطني الصغير الاردن و أفديه بروحي ، و قلبي في الأقصى حيث فلسطين ،
استخدم الديمقراطية كأداة عصرية و الليبرالية أداة للحرية ، أنا وطني قومي إسلامي أممي ، أتعامل بحضارة و إنسانية وأخوة
مع كل من يخالفني في الدين أو العرق أو الرأي .
ـ
ـ
ـ
عبدالله اللواما
23/2/2013
ـ
ـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق