الاثنين، 25 فبراير 2013

الاقتصاد الاردني .. الى اين ؟

الاقتصاد الاردني .. الى اين ؟
بقي الاقتصاد الاردني يعتمد على حوالات المغتربين والمساعدات الخارجية وبعض الصادرات مثل الاسمنت و الفوسفات و البوتاس  حتى عام 1989 عندما حدث انهيار في الدينار بعد ارتفاع الدين و نقص الحوالات ونقص المساعدات . و عندها تدخل صندوق النقد الدولي لانقاذ الوضع و ضمان ديون المانحين و قام بوضع خطة " برنامج التصحيح الاقتصادي " لمدة 14 عام انتهت عام 2003 و في هذه الفترة تم الاعتماد على رفع الضرائب ثم على برنامج الخصخصة حيث تم البدء ببيع اصول الدولة وبعد عام 2003 ارتفعت الضرائب و تم  استكمال بيع الاصول الاخرى .
تم تنفيذ برنامج الخصخصة ابتداء من عام 1998 حيث بدأت الحكومة ببيع حصتها في الاسمنت الى ان انهتها عام 2008 و بين هذين العامين تم بيع حصص الحكومة في معظم الشركات حيث صدر قانون للخصخصة يتيح للمستثمرين شراء املاك الدولة  عام 2000  وتم خصخصة الفوسفات و البوتاس والاتصالات الاردنية و الملكية الاردنية و البريد الاردني والكهرباء والمياه  وفندق الاردن وحمامات ماعين وحصص الحكومة من الاسهم في كل من بنك الاسكان، وبنك القاهرة عمان، وبنك الصادرات والتمويل، وبنك الانماء الصناعي، ومصنع رب البندورة في الاغوار، والالبان الاردنية، البتراء للنقل، والاجواخ الاردنية، والدباغة الاردنية، والخزف الاردنية، والعربية الدولية للفنادق، والاردنية لتجهيز الدواجن، ومصانع الورق والكرتون، والمؤسسة الصحفية الاردنية، كما تم اجراء عمليات تأجير لكل من مؤسسة سكة حديد العقبة لمدة 25 عاما ومؤسسة النقل العام . اضافة الى بيع ميناء العقبة و بيع اراضي الدولة في العديد من المناطق . و قد ألتصقت تهم وأدلة الفساد بجميع عمليات البيع هذه لا سيما انها اتسمت برخص السعر و البيع بطرق ملتوية و غير قانونية و بعضها تم بشكل شخصي و سري . اضافة الى شبهات تصل الى حد الدليل القاطع في عمليات تجارية اخرى مثل اعطاء ترخيص لشركة امنية  بمبلغ 4.5 مليون دينار و تم بيعها من المستثمر بعد اقل من عام بمبلغ 415 مليون دينار .
و رسميا فإن الحكومة تقول ان اموال بيع مقدرات البلاد ذهبت الى سداد الدين و كانت اهم خطوة هي شراء الدين من نادي باريس و هي الخطوة التي لاقت انتقادات كثيرة ، ففي اذار 2008 تم تنفيذ اتفاقية شراء الدين مع 10 من دول نادي باريس بقيمة 2.1 مليار دولار حدث ذلك بالرغم ان توصيات صندوق النقد الدولي للحكومة تركز على عدم ذهاب اموال بيع الاصول الى الديون بل الى تنفيذ مشاريع وطنية لرفع مستوى الاقتصاد الوطني . ورغم تنفيذ  برنامج التصحيح و رفع الضرائب و ذهاب الاموال لسداد الديون الا ان الدين العام ارتفع و بشكل تصاعدي و غير منطقي .
و بعد ان تم بيع اصول الدولة و سداد جزء يسير من الدين لم يبق امام الحكومة من موارد الا الضرائب و المساعدات الخارجية غير المستقرة اضافة الى موارد اخرى كالسياحة وارباح اسهم الدولة التي لم يتم بيعها . وواضح ان السنوات القليلة الماضية بدأت الديون تزيد بشكل كبير مما يدل على ان الدولة فقدت كل مواردها رغم المنح الخارجية و رغم رفع الدعم عن المحروقات و عن غيرها من السلع . و ينتظر الاردن ارتفاعا كبيرا في الاسعار نتيجة ازالة الدعم عن سعر المحروقات و هو الدعم الذي يشكك فيه الكثيرون و يعتقدون ان الحكومة تربح من المحروقات و لا تدعمها ، كما ينتظر الاردن رفعا لاسعار الكهرباء و هو الذي سؤدي الى ارتفاع بقية الاسعار للسلع .
و قد ارتفع الدين العام في الاردن من 2 مليار دولار عام 1985 الى 8 مليار دولار عام 1989 ثم الى 9 مليار عام 1999 ثم الى 15 مليار دولار عام 2010 ثم الى 17 مليار دولار عام 2011 ثم الى 24 مليار دولار مع نهاية 2012 و من المتوقع و حسب الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي ان يرتفع الى اكثر من 27 مليار دولار عام 2013 لتكون نسبة الدين 100% من الناتج المحلي الاجمالي  (     قيمة السلع والخدمات المنتجة من الموارد الموجودة محلياً في الدولة خلال سنة )و بالتالي تكون الدولة الاردنية قد تخطت بديونها ما نسبته 40% من الحد المسموح به عالميا و الذي يبلغ 60% من الناتج المحلي الاجمالي .
ان تضاعف الدين العام في غضون اقل من ثلاث سنوات و بارقام كبيرة يشير الى خطورة عالية على الوضع الاقتصادي حيث ان الاقتصاد له حد معين للتحمل عندها تصبح ثقة الدائنين و المستثمرين به مهزوزة فيؤدي ذلك الى انهيار سريع وخطير و هذا ما حدث عام 1989 في الاردن ، و بلد كاليونان يبلغ فيه الناتج المحلي الاجمالي حوالي 300 مليار دولار زاد تسارع ارتفاع الدين (  507 مليار دولار ) فيه في آخر 5 سنوات بشكل سريع بحيث قفز الى ما نسبته 165 %  بعد ان كانت نسبة الدين 100% من الناتج المحلي الاجمالي و رغم ان اليونان هو احد اعضاء الاتحاد الاوروبي و هو مضمون بالنسبة للدائنين و رغم المساعدات الكبيرة التي تلقاها من الدول الاوربية الا ان هذا لن يحل مشاكله و سيبقى حتى 2020 لكي يتم ارجاع نسبة الدين فقط الى 120%  اي انه سيبقى مديونا لعشرات السنوات و سيبقى المواطن اليوناني يعاني طوال عمره من الفقر و التقشف ، كل هذا نتيجة سوء التصرف في المال العام و عدم توجيهه الى الاتجاه الصحيح ، فكيف بالاقتصاد الاردني الذي تعرض لاكبر عملية فساد و نهب و سرقة ؟ كيف له ان ينهض و قد تم تكبيله باتفاقيات بيع لاصول الدولة و لم يعد امام الحكومة الا اللجوء للاستدانة ؟
من السهل جدا ان تستدين و ان ترفع حجم الدين و ان تظهر و كـأنك غني و تملك الكثير من المال لكنك ستضع نفسك في موقف لا تحسد عليه عند عملية السداد و عندما يأتيك الدائن و يطلب مستحقاته .
امام هذا التحدي من ازدياد نسبة الدين دون وجود موارد للدولة نتسائل ما هي الخطط التي وضعها النظام لوقف الدين واستعادة الاقتصاد عافيته التي فقدها منذ 23 عاما ؟ و هل ستبقى الدولة تستدين حتى نصل الى نقطة اللاعودة ؟ كيف للمواطن الاردني ان يطمئن على مستقبله و هو يرى ارقام الدين واسعار السلع في تصاعد كبير ؟
ـ
عبدالله اللواما
29/12/2012
ـ
ـ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق