الاثنين، 25 فبراير 2013

رد على مقال " دستور الجماعة " للكاتب عمر ابو رصاع


رد على مقال " دستور الجماعة  " للكاتب عمر ابو رصاع
لم يكن لي ان ارد على هذا المقال الا لأنني رأيت اهميته و رأيت انه يحاكي ما تطرحه المعارضة المصرية و هو مهم ايضا في في تحديد الصراع بين العلمانية و الاسلامية و المدنية  و له اهمية في صراع الارادات في مصر و خارج مصر . و أنوه بداية انني ارى في الدستور المصري الجديد دستورا مدنيا يراعي الحالة المصرية لهذا ادعو الى عدم محاكمته على انه دستور عالمي . كما انني اراه ليس دستورا اخوانيا و لا اسلاميا لأن مواد هذا الدستور لا تحقق اقل مستوى من رؤية الاخوان المسلمين و الاسلاميين للدولة الاسلامية التي يمكن انشاؤها ، ففي احدى القراءات السياسية ان الاخوان و الاسلاميين يجب ان يشكروا على موافقتهم على هذا الدستور من اجل مصلحة مصر و الشعب المصري و الثورة المصرية ، و في قراءة اخرى ان الاخوان المسلمين لا يملكون القوة الكافية لفرض دستور على المصريين نظرا لعوامل داخلية و خارجية . و اعتقد انني قادر على طرح متوازن في الحكم على الدستور المصري الجديد لأنني ادعو الى دستور مدني لكل الدول العربية تكون فيه الحرية و الديمقراطية مرتكزين اساسيين للدستور و للدولة ، اضافة الى انني لست اخوانيا او سلفيا و ايضا لست علمانيا  و ارى ان دستورا مدنيا و دولة مدنية تخدم الاسلام اكثر بكثير من دستور او دولة اسلامية في هذا العصر .
ولا اخفي انني كنت اتبسم كثيرا و انا اقرأ مقال اخي و صديقي عمر ابو رصاع الذي رأيت فيه تكلفا كثيرا و ليا ً لاعناق النصوص من اجل الوصول الى ان الدستور هو دستور الاخوان و انه دستور مجروح في كثير من مواده ، و هذا لا ينفي غزارة المعلومات التي يقدمها الكاتب و حسن السياق في الطرح و شدة الدفاع عن العلمانية التي يؤمن بها .
ينطلق الكاتب من مبدأ ان الاخوان يسيطرون على مصر لهذا فهو يتخوف من اي مادة في الدستور و يرى فيها مادة يمكن للاخوان استغلالها و جعلها في صالحهم و لو كان الامر كذلك لما كتب دستور في العالم لأن الثقة هي التي يجب ان ننطلق منها في كتابة الدساتير التي يجب ان تتصف بنصوص عامة تفصلها القوانين و الانظمة فمواد الدستور يجب ان تكون مختصر مفيد و ليس تفصيلا دقيقا لكل حالة مع الالتزام بوضوح النص و عموميته و عدم قابليته للفهم الخاطيء . و راح عن بال الكاتب ان الاخوان ايضا يمكنهم التخوف من هذه النصوص الدستورية و يمكنهم ان يرفضوا هذه المواد حتى لا يتم استغلالها في مخالفة الدين والاخلاق مثلا .
ان ما يجب ادراكه هو ان مصر تحوي شعبا مسلما في غالبيته  لهذا فليس لنا ان نستغرب ان توضع مواد توضح اسلامية مصر و ان مرجعيتها الاسلام و الاحكام الاسلامية و هذا موجود في دستور مصر 1971 و ايضا موجود في دساتير معظم الدول الاسلامية مع اختلاف في الرؤى . كما ان الازهر يمثل مرجعية دينية و رمزا لكل المصريين و هو وسطي في طرحه بل ان الكثيرين يعتبرونه اقل من الوسطية و هو قادر على استيعاب معظم المذاهب الدينية في الاسلام و تم استخدام الازهر في العهد السابق كممرر لقرارات الدولة و قرارات النظام و الحكومة المصرية و اليوم اصبح الازهر اكثر استقلالية و هو قادر على ان يكون حلا و ليس مشكلة ، و ان اعطاء الازهر حق طرح الرأي دون النص على الالزام في التشريع يأتي من باب التقدير لهذه المؤسسة العريقة و ايضا يغلق الباب على الاخوان و على السلفيين و على غيرهم من الاسلاميين ليكون رأيهم هو الممثل الوحيد للاسلام  اي ان ادخال الازهر في الدستور يأتي من باب سحب البساط من تحت الاخوان و السلفيين و ليس من باب أخونة الدولة المصرية و هذا لا قى تريحيبا من جميع الاطراف في مصر لهذا يجب عدم التخوف من الازهر ومن طروحات الازهر التي دائما تأتي باعتدال و بوسطية كحلول واقعية للمشاكل التي تواجه الدولة .
و يجب ان لا نغفل ان الدستور المصري هو دستور مدني على الاقل من وجة نظري و ليس دستورا علمانيا ، فالدستور المدني يراعي البعد الديني و البعد الاخلاقي و البعد القومي و يراعي العادات و التقاليد للمجتمع لكنه اي الدستور المدني يركز على الحريات و على الديمقراطية و فصل السلطات و تقييد الحاكم و الحكومة و هذا ما جاء تماما في الدستور المصري .
و عبارة  " وعلى النحو الذى ينظمه القانون " تجعل الدستور اكثر مرونة و قابلا للتكييف و التغيير وفقا للظروف . و المشرعون منتخبون من الشعب ونفترض فيهم الانحياز للشعب وليس التشكيك المسبق و عدم الثقة و هم مراقبون من الشعب و لا يمكنهم التشريع على مزاجهم كما يعتقد البعض .
و الغريب انني لم اجد عبارة في مقال " دستور الجماعة " تمدح و لو فقرة واحدة من الدستور الذي اعتبره قفزة عملاقة في الانطلاق نحو الحرية و نحو الانفتاح . و اعتقد انه يحق لمن كتب الدستور ان يضع عبارة " وتُمارس الحقوق والحريات بما لا يتعارض مع المقومات الواردة فى باب الدولة
والمجتمع بهذا الدستور "  لأن المادة 34 التي تعطي حرية مطلقة قد يتم استغلالها في الاعتداء على الاخرين باسم الحرية و قد تستغل ايضا في احداث فوضى و اعمال مستنكرة مثل التعري او اقامة طقوس علنية لعبدة الشياطين او غير ذلك من الاعمال التي يستنكرها الجميع بما فيهم العلمانيون .
و عبارة " اهل السنة و الجماعة " في الاحكام الاسلامية تضم معظم المذاهب في الاسلام و ربما يستثنى منها مذاهب الشيعة لأن الشعب المصري سني المذهب ووجود اقلية ضئيلة من الشيعة لا تفرض على المصريين ان يعتبروا ان الاحكام عند الشيعة يجب تطبيقها عليهم .
و بالنسبة للمادة الثالثة التي تحصر الاديان بالاديان الثلاثة الاسلام و المسيحية و اليهودية فهذا صحيح لأنه لا يحق لاي فرد او جماعة ان يخترع دينا و يفرضه على الاخرين  ليعطوه مسوغا قانونيا بالرغم انه حر في اعتقاده و الدستور يكفل له حريته . اما البهائية فهي ليست دينا بل هي جماعة انشقت عن المسلمين و ادعت انها الاسلام الحقيقي و يعتقد الكثيرون انها حركة صنعها الاستعمار و مولها لضرب الاسلام و لتكون عونا له و على كلامهم هذا ادلة تاريخية و ادلة لا تخقى على عاقل .

و هنا سأرد بشكل سريع على بعض المواد التي تم انتقادها في الجزء الثالث من المقال  دستور الجماعة (3. في الحقوق والحريات الاساسية) :


المادة 32 جاءت بهذا الشكل و اعطت القانون حق التحكم في كيفية اعطاء او منح الجنسية نظرا لعدم اكتمال السيطرة على الدولة المصرية و عدم استقراها استقرارا كاملا و كذلك لأن مصر هي احدى الدول العربية التي لا يحق فيها تكرار الجنسية للمواطن العربي بين اكثر من دولة حسب اتفاقيات سابقة .
المادة 81 جاءت بهذا الشكل حتى لا يتم استغلال الحريات في الخروج على الاخلاق او الاعتداء على الغير او الاعتداء على الاديان او غير ذلك من الاستغلال للحريات .
المادة 10 للحفاظ على المجتمع المصري من التفكك و الانحلال . فمقابل فقرات الحريات لا بد من وجود ضوابط للاسرة ، و هذا امر مشروع لكل من يخاف على ديمومة المجتمع و ديمومة الدولة ، فمصر دولة شرقية عربية اسلامية و ليست اميركا .
المادة 35 في المجتمع المصري الذي يعاني من الفقر و البطالة لا يخفى على الجميع كثرة السرقات و النهب و الاعتداء المتكرر  فمصر الديمقراطية ما زالت فتية و الامن ما زال في مستوى غير مناسب لهذا لا بد من اعطاء رجال الامن قوة قانونية في القدرة على اعتقال المجرمين و النصابين و السراق و مثيري الشغب . و يفترض بالسلطة القضائية و السلطة التنفيذية عدم استغلال هذه المادة خصوصا ان مصر الثورة ليست مصر قبل الثورة . و يمكن للمشرعين تقييد هذه النقطة بحيث لا يتم استغلالها .
المادة 47 عبارة " الامن القومي " يجب عدم التحسس منها كثيرا لأن الانظمة الدكتاتورية و في زمن مبارك كان يتم استغلالها استغلالا بشعا . هذه النقطة مهمة حتى لا تنكشف البلاد امام العدو و كلمة الامن القومي مستخدمة عند الدول الغربية كثيرا و خصوصا الولايات المتحدة .
المادة 48 من غير المعقول ان تعطي الحرية المطلقة و دون اي شروط على الصحافة و الفضائيات . كيف لو ان احدى الفضائيات او الصحف عرضت صورا مخلة بالادب ؟ و كيف لو انها قامت ببث دعايات للعدو و توجيه للمواطنين ضد الدولة و بما يخدم العدو الخارجي ؟  كيف نحاسبها في ظل اعطائها الحرية المطلقة ؟ لهذا جاء التقييد .
المادة 51 هنا يوجد جمعيات و احزاب و الجمعيات يمكن انشاؤها وفق الجنس  او الدين و لا يوجد مانع مثل ان يتم انشاء جمعية نساء الاسكندرية او جمعية شباب اسوان . اما الاحزاب فهي مقيدة بالمادة 6 حيث لا تكون محصورة بالجنس او الاصل او الدين ، و كلمة الدين هنا جامعة للمذهب ايضا فمن باب اولى اذا كان ممنوعا انشاء حزب اسلامي او حزب مسيحي فإنه ممنوع انشاء حزب سني او حزب صوفي او حزب قبطي .
المادة  52 اعتقد ان كلمة مكفولة كافية ، حيث ليس لاي مجموعة ان تنشيء نقابة خاصة بها ، و من غير الممكن ان تتقبل الدولة نشوء اي مجموعة على اراضيها دون ان تكون قادرة على حلها لو كانت تشكل خطرا عسكريا او سياسيا او اخلاقيا .
المادة 53 الاصل ان هناك نقابة واحدة فقط للمهنة الواحدة  و هذا امر متعارف عليه .
المادة 55 ان منع الناس من التطرق للانتخابات في المساجد و دور العبادة يتطلب ايضا منهم في المسارح و السينمات و الجمعيات و الجامعات النقابات و غير ذلك مما يزيد في المنع و الحل هو ان تكون المساجد للجميع و ان ينزل غير الاسلاميين ليشاركوا المصلين و يلقوا خطب في المساجد و ان كان هناك مشكلة فيمكن للقانون ان يمنع ذلك و ليس في الدستور .

المادة 58  لا ادري كيف استنتج الكاتب ان عبارة  "  وهو مجانى بمراحله المختلفة في
كل مؤسسات الدولة التعليمية   "  لا تعني ان التعليم مجاني لكل مواطن ؟ ان ارى ان هذه العبارة واضحة و هي تعني انه مجاني للجميع .كما ان عبارة " و يخصص له نسبة كافية " اراها عبارة صحيحة حيث لا يجوز تحديد نسبة او مقدرا معين من المال لأن هذا الامر يختلف من عام لاخر و حسب الظروف ووفق الاولويات .
المادة 62 اراها عادلة من حيث تحديد التأمين الصحي للفقراء دون الاغنياء . و اذا لم تطبق هذه المادة بشكلها الصحيح فأمام الشعب خيار تغييرها عن طريق استفتاء شعبي عليها .
المادة 64 اعتقد ان الكاتب محق في انه لا يجوز فرض اي عمل جبرا  " ولا يجوز فرض أى عمل جبرا إلا بمقتضى قانون.  "  . لكن مع وجود كلمة الا بمقتضى القانون يمكن للمحكمة الدستورية تفسيرها على انها اجبار الموظف القائم على رأس عمله ان يقوم بالواجب الموكول له و الذي يقتضي احيانا ضرورة يستوجب تركها العقاب مثل اجبار الطبيب على علاج المريض الذي في حالة الخطر و غير ذلك من الامثلة .
المادة 65 فيها تمجيد للثورة المصرية العظيمة و هذه مادة يجب ان نفخر بها و ليس ان ننتقدها .
المادة 68   عبارة " المسكن الملائم " كافية للتعبير عن المنزل الذي يمكن العيش به فهل يعقل ان احدا يمكن ان يفهم ان العشوائيات فيها منزل ملائم او ان منزلا في الصحراء و مقطوع من الطرق و الخدمات يمكن ان يكون منزلا ملائما ؟
المادة 69 تحض على الرياضة و تساعد في بناء شباب قوي و رياضة ترقى بمستوى مصر بين شعوب الارض . مادة رائعة يجب شكر من وضعها لأهميتها و ليس ان ننتقدها .

المادة 70 ونصها:
" لكل طفل، فور الولادة، الحق فى اسم مناسب، ورعاية أسرية، وتغذية أساسية،
ومأوى، وخدمات صحية، وتنمية دينية ووجدانية ومعرفية.
وتلتزم الدولة برعايته وحمايته عند فقدانه أسرته، وتكفل حقوق الطفل المعاق
وتأهيله واندماجه فى المجتمع.
ويحظر تشغيل الطفل، قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمى، فى أعمال لا تناسب
عمره، أو تمنع استمراره فى التعليم.
ولا يجوز احتجاز الطفل إلا لمدة محددة، وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون
احتجازه فى مكان مناسب؛ يراعى فيه الفصل بين الجنسين، والمراحل العمرية، ونوع الجريمة، والبعد عن أماكن احتجاز البالغين."
يقول الكاتب  ان هذا " نص خطير يبيح تشغيل الأطفال، ويتعارض مع اتفاقية حقوق الطفل الموقع عليها من قبل الدولة المصرية والتي تحظر تشغيل وزواج الاطفال دون سن الثامنة عشر   " .
و ارد على هذه النقطة و اقول :   يجب عدم اغفال ان المجتمع المصري العريق و الذي يعاني كثيرا من المشاكل و منها الفقر و البطالة و الطبقية ، ولعل الفقرات التي جاءت عن الاسرة و الاصالة وعن الاعالة و المحافظة تستحق الشكر و الاحترام  وليس التشكيك . و من المعلوم ان الاطفال في مصر يعانون كثيرا  حيث تقدر بعض الدراسات ان هناك اكثر من مليون طفل مشرد في القاهرة فما بالكم بعددهم في كامل مصر و هذا يتطلب دمجهم لهذا ربما جاءت المادة 70 بهذا الشكل الذي لا يمنع تشغيل الاطفال منعا باتا لكنها تحدد ان التشغيل يجب ان لا يمنع الدراسة و هنا نفهم منها ان التشغيل يكون في العطل الرسمية و مع وجود عبارة " في اعمال لا تناسب عمره " يصبح المعنى مكتملا ، لهذا يجب على المشرع المصري ان يسن القوانين بناء على هذا الفهم . و انا اتفق مع الكاتب  في انتقاده لهذه المادة و التي كان الاولى بها و قطعا للشك ان تمنع تشغيل الاطفال منعا باتا حماية للطفل . و يمكن للسلطة التشريعية  فيما بعد تعديل هذه المادة و مواد اخرى عن طريق طرحها باستفتاء شعبي اما ان يرد الدستور كاملا بسبب شبهة في مادة او عدة مواد يمكن للقانون ان يغلق هذه الشبهات فيها فأراه امرا غير مناسب .

رابط  مقال " دستور الجماعة "
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=337232

يتبع .......

عبدالله اللواما
20/12/2012
ـ
ـ
ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق