الأحد، 28 أكتوبر 2012

رسالة الى الايرانيين حول سوريا


رسالة الى الايرانيين حول سوريا
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة و بعد ،
بداية اذكر نفسي و اذكركم بأن العرب و الايرانيين تربط بينهم علاقة جوار طويلة الامد و منذ العصور القديمة  وأن الاختلاف الذي كان يقع مرة كان يوازيه توافق و مشاركة مرتين و ان المصالح المشتركة بين الطرفين هي اكبر من الاختلاف الذي لا يجوز لنا ان ننميه و نغذيه بمواقفنا من احداث كبيرة و مؤثرة كالاحداث التي تجري الان في سوريا .ـ
ان الشعب السوري العظيم يمر الآن بلحظات صعبة و هو عازم على تقرير مصيره بيده لا بيد أحد آخر و ان هذا الشعب الذي لقي  من الظلم و الاستبداد ما لم  يلاقيه شعب آخر قرر الثورة منذ مارس 2011 و لن يعود عن ثورته مهما كلفه ذلك من خسائر و هو يواجه نظاما قمعيا دكتاتوريا لا يعرف شيئا عن الديمقراطية و تبادل السلطة  وللأسف ان هذا النظام يجد دعما منكم و كأنكم تقررون ان  مصلحتكم هي مع هذا النظام و هذه هفوة كبيرة منكم و مكلفة عليكم فالاصل هو ان ارتباطكم يجب ان يكون مع الشعوب لا مع الانظمة و هذا يستدعي منكم اعادة النظر في علاقتكم مع منطقتنا العربية و خصوصا الشرقية  و سوريا هي جزء منها ، و ان التناقض الكبير في موقفكم من الثورات العربية و حق الشعوب في حكم نفسها افقدتكم الكثير من الاصدقاء و انتم على وشك ان تفقدوا كل شيء و كل مصالحكم في هذه المنطقة ، فهل لكم ان تراجعوا أنفسكم و تقفوا معها لحظة تأمل و اعادة  ترتيب للاوراق ، نرجو ذلك و نحن نعلم ان فيكم عقلاء و يحسبونها بشكل دقيق و نرجو لهم ان لا تغيب الفطنة عنهم في هذا الظرف الحساس و المصيري .ـ
و ان الشعوب العربية قد وقفت الى جانبكم و انتم تتحدثون عن المقاومة وعن الممانعة و عن فلسطين ، وهي تثمن جهودكم المعنوية في هذا الجانب لكنها أي الشعوب لم تجد ثمارا مادية لوقوفكم المعنوي معها وان اهل فلسطين الصامدين قد صمدوا ببطولاتهم العظيمة وهم تحت الاحتلال بينما لم يجدوا نصرة حقيقية و ملموسة  منكم كإيرانيين و لا مما يسمى بحلف المقاومة و الممانعة المتمثل بكم و بسوريا و حزب الله ، بل ان غزة ضربت و احرقت ارضها و استشهد أكثر من 1500 مواطن، وفي  لبنان تم تدمير بنيته التحتية و مقدراته و استشهد منهم المئات في الهجوم الاسرائيلي و لم تتدخلوا معهم و لم تطلقوا طلقة واحدة ، أليس هذا يضعف مصداقيتكم عند الشعوب التي تتطلع الى التحرر من الاحتلال والتبعية . و موقفكم في العراق وعدم  توازنكم بين مكوناته  جعل نظرة الشعوب العربية لكم نظرة سلبية  و خاب أملها  بأن تكونوا مقاومة حقيقية فهي رأت منكم تعاونا كاملا مع الاميركان في العراق و لم تر شيئا من المقاومة و الممانعة في بلاد الرافدين . كما ان هذه الشعوب لم تعد تثق بالكلام  فقط خصوصا انكم تؤازرون أنظمة استبدادية قمعية في الوقت الذي تحاول فيه هذه الشعوب التخلص من انظمتها المستبدة ، و هذه الشعوب العربية هي المحيطة بفلسطين و هي من يواجه العدو وهي من يتحمل تبعات هذه المواجهة  وأعباءها الكبيرة بينما ايران البعيدة مئات الكيلومترات عن فلسطين لا تتأثر بشكل مباشر من هذا الامر . ـ
كما انكم تسمعون كلاما من انصاركم في بلاد العرب مغاير للحقيقة بخصوص مدى التأييد لكم ، فليس كل من يقاوم الاحتلال الصهيوني او انه ضد التبعية للغرب هو بالضرورة معكم فهؤلاء خسرتموهم بعد الربيع العربي و بعد ان كان موقفكم مخيبا لآمال المتطلعين للحرية والديمقراطية في البلدان العربية ، و لم يبق معكم الا أولئك الذين لا يسمع لهم أحد و الذين يتاجرون بكل شيء و هم قلة قليلة تحاول ايهامكم بأنهم كثير وأن لهم وجود ، فهل تسمعون النصيحة و تدركوا انكم ايها الايرانيون مطالبون الآن بإعادة ترتيب اوراقكم ؟ .ـ
ان العرب يتطلعون الى علاقات أخوية مع الشعب الايراني الكريم و ان العرب يتفاجأون من انحيازكم مع طوائف دون اخرى داخل البلاد العربية ، و العرب يعلمون كما انتم تعلمون بأن ايران ايضا فيها طوائف و للشعب الايراني مكونات عديدة لهذا فإن الانحياز لطائفة معينة من الطرفين هو ليس بمصلحة أحد ، و اننا نعرف جميعا ان هناك فئات مهمشة داخل المجتمع الايراني و ان الديمقراطية ليست على ما يرام في ايران فالاغلبية التي تشكك بها الاقلية عندكم تحكم بتفرد و دون اعطاء الاقلية حقها الكامل بالتمثيل الحقيقي داخل الدولة الايرانية . و ان العرب ينأون بأنفسهم عن التدخل بشؤون ايران الداخلية بينما لا يجدون ذلك عند الايرانيين خصوصا النظام الايراني .ـ
 الشعوب العربية  تأمل  أن تغير ايران من سياستها في المنطقة و يتطلعون الى علاقات ايجابية  معها  . فهل ايران مستعدة لمثل هذا الامر بشكل عملي و ليس بالتنظير و الكلام فقط ؟ ، و ان اول خطوة يمكن ان تقوم بها ايران هي ان تكف يدها عن مساعدة الانظمة الاستبدادية القمعية و ان تبدأ بكف يدها عن مساعدة النظام السوري و رئيسه بشار الاسد الذي قتل أكثر من عشرين ألفا من المواطنين السوريين . كما ان على ايران و حتى لا تتسبب بإشعال المنطقة ان تخرج جميع رجالها من سوريا و ان تصطف الى جانب الشعب السوري . فالشعوب هي الباقية و الانظمة زائلة  . و ان تدخل ايران يعتبر تدخلا ظالما وتدخلا  سافرا في سوريا وهو انحياز الى الفئة المجرمة القاتلة التي تسفك الدماء وتقتل الابرياء بدم بارد ، وليس من مصلحة ايران البقاء على هذا الخط وعلى هذا النهج لأنها ستكون هي الخاسرة و ان العرب لا يمكنهم تلقي الضربات في سوريا و لا يمكنهم ان يروا الدماء تسيل و هم ينظرون من بعيد .ـ
الفرصة ما زالت متاحة لمراجعة الموقف فهذه الايام تبدو  انها  الاخيرة في امكانية التموضع و الانحياز الى الحق ، و ان السوريين كما باقي الشعوب العربية سيثمنون اي موقف ايجابي واي انحياز للمظلومين من قبل ايران و التي بهذه الخطوة ان فعلتها تكون  ايران قد حفظت مصالحها في المنطقة و بقيت مع الشعوب على خط المقاومة الحقيقي و ليس المزيف الذي كان يدعيه النظام السوري القمعي الذي اساء للمقاومة و للمناعة . و الكرة في ملعبكم أيها الايرانيون فأنتم من جاء الى سوريا و تدخل في الشأن السوري و لم يذهب السوريون إليكم ليقاتلوكم او يتدخلوا في شؤونكم الداخلية بل انتم من أتى ، فهل لكم ان تتركوا الشعب السوري يقرر مصيره بيده ؟ و لماذا انتم خائفون على النظام السوري و انتم تقولون بأن الشعب معه وهو مدجج بالسلاح الخفيف و الثقيل و يملك الطائرات و الصواريخ و الدبابات و المدفعية  ؟ ، و الحجة مقامة عليكم الان فلا توجد دولة تدخلت بشكل عملي في سوريا حتى الان الا انتم ايها الايرانيون و روسيا التي تحتل مدينة طرطوس .ـ
و لا يخفى على احد ان تدخلكم في سوريا ولصالح النظام يحمل نكهة طائفية و بالتالي فإن استمراركم بهذا النهج قد يشعل شرارة لن تتوقف في سوريا بل انها ستحرق الجميع وستكون ايران هي المتضررة من هذا بل ستكون خسائرها كبيرة و سيكون كمن اشعل النار في طرف ملابسه . سوريا واحدة  والشعب السوري واحد و لن يقبل السوريون و لا العرب ان تقسم سوريا او ان ينتزع منها اي جزء و على الجميع ان يعرف هذا الامر .ـ
اننا كعرب نفرق بين الشعب الايراني و  النظام الايراني ، فالشعب الايراني العظيم الذي يشارك الشعوب العربية في الآمال و التطلعات لمستقبل الامة كاملة و ينظر الطرفان لتحرير الشعوب الاسلامية من الاستعمار و التبعية و تخليص المنطقة من التدخلات الخارجية و من نهب خيرات المنطقة و استغلال شعوبها و مقدراتها ، فالاهداف المشتركة موحدة بين الشعوب لكن العرب يستنكرون السياسة التي يتبعها النظام الايراني و التدخل في شؤون العرب الذي يصنع الكراهية بين الطرفين و هذا ما لا يريده العرب ولا يريده الشعب الايراني ايضا  .ـ
فالمطلوب من ايران اليوم هو اما ان تقف الى جانب الشعب السوري و تدعو النظام الى الاستجابة لدعوة الشعب له  بتنحي الرئيس و بنقل السلطة و الانتقال الى الحياة الديمقراطية ،  أو ان تكف  يدها عن سوريا و تترك الشعب والنظام يقرران مصيرهما  فأرض سوريا ليست جزءا من الدولة الايرانية  وايران ليست وصية على السوريين حتى تقرر من يحكمهم .ـ
وفق الله العرب و الايرانيين ليكونوا اخوة يجمعهم الاسلام العظيم و يجمعهم حسن الجوار و المصالح المشتركة و حفظهم الله من كل شر و مكروه .ـ
ـ
عبدالله اللواما
مواطن عربي
8/8/2012
Abdullah_allawama@hotmail.com
ـ
ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق