الجمعة، 18 مايو 2012

لا رفع للسقف ، و لا تراجع عن المطالب


لا رفع للسقف ، و لا تراجع عن المطالب  ـ
ان ما دعاني لكتابة هذه الكلمات هو انتشار عبارة " رفع سقف المطالب " في الفترة الماضية  على ساحة الحراك الاردني ، و هذه العبارة لها معانٍ كثيرة و لها دلالات متعددة ، و هي مختلفة الحدود ، و هي نسبية اي انها تختلف من شخص الى آخر و من حراك و حزب و تيار . لكنها بمجملها  توحي للمواطن الاردني ان معناها يقع ضمن المحذورات و انها تتعدى المطالبة بالاصلاح . لهذا  كان لا بد من كلمة .ـ
ان الذي لا يعرف الشعب الاردني و لا يدري عن مطالبه و لا يعرف قدراته لا ينبغي له ان ينفرد وحيدا و يخرج عن الصف و ينادي بما هو غير منطقي و بما لا يخدم  مسيرة الاصلاح في هذا البلد الطيب أهله و الذين ينظرون الى المستقبل بعين دامعة تملؤها دمعة فيها  خوف على مستقبل هذا الوطن . و الذي ينادي بما يتعدى الاصلاح لا يحق  له ان يدعي انه يمثل الشعب ، فالشعب لم يعطه هذا التفويض حتى يتكلم عنه . بل ان كل الدلائل و المعطيات تشير الى ان الشعب لا يريد الا الاصلاح و لا شيء غير الاصلاح ، و كل المطالب لا تتعدي حد ان يكون رئيس الوزراء قادما من تمثيل نيابي  ، و هذا شكل من اشكال الملكية الدستورية التي أخذت لها مكانا مرموقا بين مكونات الشعب الاردني و الطبقة المثقفة و النخب السياسية .ـ
و يجدر بي القول هنا انه ليس من مصلحة الوطن و لا من مصلحة الحراك الشعبي و المعارضة بشكل عام ان يتم تداول مصطلح " رفع السقف " بينها ، و ليس من مصلحة الوطن و لا الحراك ان يتعرض احد بالكلام على رأس النظام ، فغير مقبول ان يتعرض احد  للملك او الملكة ، بل المطلوب  هو الاحترام و المناداه بالمطالب بشكل حضاري و متفق عليه ، و لا يجوز لاحد في الاعتصامات او المظاهرات  العامة و التي يتم الدعوة لها بشكل عام ان يفرض مطالب او ينادي بشعارات لا يوافق عليها الشعب الاردني . كل هذا الكلام لا يعني انني امارس قمعا فكريا على الحرية  في الطرح ، بل انني  مع الحرية الكاملة في التعبير عن الرأي ، لكن لا اقبل ان يفرض عليّ شخص او جماعة رأيه و ينادي بما لا اوافق عليه و نحن نقف في مكان واحد . لهذا  و  حرصا على هذا الوطن اولا ثم حرصا على الحراك السلمي  النقي الذي يطالب بالاصلاح و أمله  رفعة و بناء الوطن  فإنني اطالب ان يتم تحديد الشعارات و المطالب قبل كل فعالية او اعتصام او مظاهرة ، هذا يضمن بقاء الحراك شعبيا و نقيا و يدفع عنه المخاوف من الانحراف ، كما انه يحفظه من دخول اصحاب الاجندات الخاصة الذين تختلف مطالبهم كثيرا عن مطالب الشعب و يحاولون امتطاء اي تحرك شعبي لتحقيق مآربهم . و يجب ان انبه هنا بأن الفاسدين الذين عاثوا في البلاد فسادا و سرقوا و نهبوا  سيحاولون الايقاع بين الشعب و رأس النظام و ذلك لحماية  انفسهم  و ضمان عدم محاسبتهم ، و ربما انهم سيدفعون بعض الشباب الى رفع السقف لهذا الغرض لذا يجب الانتباه لهم و عدم تحقيق هدفهم .ـ
و لا اتردد ان اقول ان الذي يرفع السقف الى ما هو اعلى من سقف المطالب الشعبية أو المطالب التي تحظى باجماع من مختلف الاطياف فهو لا يريد خيرا و لا يريد اصلاحا ، و هو بهذا الطريق يجهض الحراك و يسبب ضياعا للمطالب و يتحمل وزر عدم الوصول الى مستقبل مشرق لهذا الوطن الجميل ، بل انه يتساوي مع الفاسد ، فالفاسد نهب خير البلاد و هو نهب مطالب الشعب . كما ان رفع السقف قد يفضي الى نبذ الشعب للحراك و بالتالي النظر للاصلاحيين على انهم دعاة فتنة و تخريب و هذا سيكون له آثار بعيدة المدى ستؤثر حتى على الجيل القادم الذي  قد يكون عنده  قوة اكثر و رغبة في الاصلاح فإن لن نستطع الاصلاح فلنترك عند الشعب ذكرى طيبة للاصلاحيين حتى يعيد  الكرّة مرة اخرى  و ينتج جيلا من الشباب المصلح  و هم قادمون باذن الله ، فالاردن لا يخلو من الرجال و الخير في ابنائه .  و تحقيق المطالب  يأتي بالصبر و الثبات عليها و عدم التراجع عنها .ـ
و اذا كان سبب رفعك للسقف هو الضجر و عدم الصبر و الوصول الى حالة اليأس من الاصلاح فإنني اطمئنك من هذه الناحية فالحراك لم يمر عليه الا اشهر قليلة و هي فترة قليلة اذا ما قورنت بالفساد لهذا لا تتوقع ان الحل سيأتي سريعا ، كما ان امامك طريق سالك للاصلاح فحتى لو لم يتم اي تقدم في الدستور و لا في قانون الانتخاب و البلديات فأمامك صناديق الاقتراع ، و الشعب الواعي لا يمكن تزوير ارادته ، و اذا زورت فإن الشعب يتحمل المسؤولية ، فبعد كل هذا الفساد و ونشر ذلك على القنوات الفضائية و المحلية و الاذاعات و الصحف و الانترنت  فإن الشعب امام مسؤولية تحكيم الضمير في انتخاب الافضل حتى لو كان القانون ظالما و مجحفا فالوعي يتدارك ذلك كله . كما انك كإصلاحي  مشارك في الحراكات الشعبية ليس لك الا ايصال صوت الشعب الى الحكومة  اما النتائج فأنت لا تتحملها فإن انصاعت الحكومة  فهذا خير  و الا  فالشعب هو الذي يرد عبر الطرق القانونية و عبر صناديق الاقتراع .ـ
و حتى اكون واقعيا و من باب النقد الذاتي ووضع اليد على الجرح فإنني سأذكر مجموعة الحقائق عن المعارضة  و عن التحرك الشعبي الاردني و لها علاقة بهذا الموضوع  :ـ
  1. ان اعداد من يخرجون في الحراكات قليلة  جدا و لا تتعدى المئات و نادرا ما وصلت الى الالاف .ـ
  2. ان الشعارات متعددة و كثيرة بالنسبة للحراكات المختلفة في المدن الاردنية ـ
  3. ان هناك من يتفاخر بأن سقف المطالب في ارتفاع ، مع ان هذا هو مقتل الحراك و هو الذي ابعد الكثير عنه ، بل ان  هناك الكثير من الناس لا يطالب و لا يخرج خوفا من هذا  المنحى .ـ
  4. ان هناك عدم وضوح للرؤية عند معظم  الاصلاحيين في الاردن ، فليس لديهم برنامجا واضحا يتفقون عليه .ـ
  5. ان مطالب بعض الاصلاحيين  لا تمثل مطالب وطن بقدر ما تمثل مطالب فئة معينة او مدينة او حتى عشيرة او حي .ـ
  6. انني لم ارى اي اصلاحي او تيار  قدم حلولا كاملة للمشاكل التي تواجه طريق الاصلاح ، فالجميع يتهرب من ذكر الحلول التي يمتلكها امام مشاكل حقيقية للاصلاح و ذلك ربما خوفا من ان يفقد طرفا من الاطراف او انه يضمر في نفسه شيئا غير مقبول شعبيا او انه لا يملك الحل المناسب .ـ
  7. ان هناك من الاصلاحيين او من المعارضة من يتغذى على الخلاف ، فتجد احدهم يهاجم طرفا في الاصلاح دون مبرر حتى يجد له ربما مكانا عند الحكومة في المستقبل  او انه جاء للمعارضة للتخريب عليها او انه  جاهل لا يعي ما يفعل .ـ
  8. ان هناك خلافات حقيقية تواجه المعارضة و الاصلاحيين من جراء اختلافهم على اجندات وطنية و خطوات وطنية  استراتيجة و أوضاع اقليمية قديمة او راهنة .ـ
  9. ان الانقسام و التفرق بشكل اكبر  يلوح بأفق المعارضة الاردنية من جراء احداث و اوضاع  و ربما حروب قادمة للمنطقة ، و ربما تختلف المعادلات في المستقبل القريب فتجد خصوم اليوم حلفاء الغد أو تجد اصدقاء اليوم أعداء الغد ، لهذا لابد من تقريب وجهات النظر من الان و الاتفاق على مباديء اساسية قبل ان تقع الفأس في الرأس و عندها سيتخبط الجميع دون ان يجدوا بوصلة توجههم الوجهة الصحيحة .ـ
  10. ان المعارضة  و معهم الاصلاحيين لا يستطيعون اخراج عدة الاف في مظاهرة ولا يستطيعون عقد مؤتمر او حتى جمع الاف و لا اقول عشرات آلاف التواقيع على  طلب معين  و ليس  لهم قيادة واحدة  ، كما ان صفحات الانترنت التي انشأتها المعارضة و الحراكات لا تحوي اكثر من عدة الاف من المشتركين و حتى صفحة 24  اذار لا تزيد عن 10 الاف مشترك ، كل هذا له دلالاته و لا يجب  غض النظر عنه  اذ  ان الارقام تتكلم و تقود الى استنتاجات  و حقائق ، فالخلل موجود و المطلوب البحث عن العلاج .ـ

و في النهاية  اذكر انه  لابد من تحديد الشعارات و المطالب قبل كل تجمع حتى تكون الامور واضحة و حتى يكون الحراك شعبيا ، و اذكّر ايضا بأن لا رفع للسقف و لا تراجع عن المطالب ، و إلا فسيفقد الحراك نفسه و ستضيع البوصلة منه و لن يحدث اي اصلاح .ـ
ـ
Abdullah Allawama
2/9/2011





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق